إسرائيل ولبنان- تكرار التاريخ أم مرحلة جديدة من الصراع؟

المؤلف: د. حياة الحريري10.04.2025
إسرائيل ولبنان- تكرار التاريخ أم مرحلة جديدة من الصراع؟

هل تعكس العمليات العسكرية الإسرائيلية الحالية في الأراضي اللبنانية، بتفاصيلها الدقيقة وأبعادها المختلفة، ذكريات الاجتياح الإسرائيلي الذي وقع في عام 1982؟ هذا السؤال يطرح نفسه بإلحاح في أذهان المحللين والمراقبين داخل الأوساط اللبنانية، خصوصًا بعد الهجمات الشرسة التي تعرض لها حزب الله، بما في ذلك الخسائر الفادحة في صفوف قياداته، وفي مقدمتهم الأمين العام للحزب، حسن نصر الله.

بالرغم من أن المقاومة استعادت جزءًا كبيرًا من قوتها وقدرتها على الرد، تجسد ذلك في تصعيد وتيرة الهجمات الصاروخية وتطويرها، وتوسيع مدى الاستهداف باستخدام الطائرات المسيّرة، يبقى الخطر الإسرائيلي قائمًا ومستمرًا، فهو لا يهدد فقط وجود حزب الله، بل يمتد ليطال مستقبل لبنان بأكمله ودوره المحوري في المنطقة.

بإلقاء نظرة سريعة على الأحداث المتلاحقة بين عامي 1982 و2024، يسهل ملاحظة أن إسرائيل لا تزال متمسكة بنفس الأساليب والاستراتيجيات، مع إدخال بعض التعديلات الطفيفة على أساليب التنفيذ.

في عام 1982، أطلقت إسرائيل عملية أُطلق عليها اسم "الصنوبرة الكبيرة"، وهو الاسم العسكري لعملية "سلامة الجليل"، وبررت حينها هذه العملية بأنها تهدف إلى القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية، وإعادة الاستقرار والأمن إلى المستوطنات الإسرائيلية في المنطقة الشمالية.

ومن المثير للدهشة، أن وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، آرييل شارون، قد كشف عن خطته لغزو لبنان قبل عام كامل من تنفيذها، وذلك خلال لقائه مع فيليب حبيب، الذي كان يشغل منصب المبعوث الخاص للرئيس الأميركي رونالد ريغان. واليوم، نشهد سيناريو مماثلًا، حيث بدأ نتنياهو تصعيده الكبير أو ما يمكن تسميته "الحرب الموسعة" ضد لبنان، بينما كان لا يزال في زيارة إلى الولايات المتحدة الأميركية.

وكما حدث في عام 1982، صرّح نتنياهو بأن الهدف من العدوان على لبنان هو تدمير البنية العسكرية لحزب الله وإبعاده عن منطقة جنوب الليطاني، وذلك بهدف تأمين عودة المستوطنين إلى الشمال، وتحقيق ما يعتبره "أمنًا دائمًا في الشمال، وإبعاد خطر صواريخ حزب الله".

إن نتنياهو، الذي يواجه أزمات داخلية متزايدة في إسرائيل، والذي كان على وشك المثول أمام المحاكم الداخلية بتهم تتعلق بالفساد، بالإضافة إلى فشله في التعامل مع "طوفان الأقصى" وتحقيق الأهداف المعلنة في قطاع غزة ولبنان، بما في ذلك استعادة الرهائن من غزة وإعادة المستوطنين إلى الشمال، يسعى الآن إلى تحويل نفسه إلى بطل قومي في المشروع الصهيوني، وذلك من خلال سلسلة من العمليات العسكرية المفاجئة التي حقق فيها نجاحات ضد حزب الله وحركة حماس، على رأسها اغتيال نصر الله في لبنان ومعظم قادة الحزب، واستهداف هنية وقتل يحيى السنوار، وعدد كبير من قادة حماس.

وعلى الرغم من التساؤلات التي لا تزال تحوم حول مدى فعالية سياسات نتنياهو، وخاصةً ما يُقال عن عدم وجود خطة واضحة "لليوم التالي" في قطاع غزة وحاليًا في لبنان، إلا أن هناك قناعة متزايدة في الشارع الإسرائيلي بأن نتنياهو قد نجح إلى حد كبير في حشد الدعم الشعبي حوله، لا سيما فيما يتعلق بالحرب على لبنان، وهو ما يمثل مطلبًا إسرائيليًا شعبيًا منذ انخراط حزب الله في الحرب في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

على الرغم من التأييد الشعبي الواسع للحرب على لبنان، فإن أي توغل بري طويل الأمد من شأنه أن يزيد من الخسائر البشرية الإسرائيلية، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى تفاقم الضغط الشعبي على نتنياهو وتعميق الانقسامات الداخلية.

ويعتقد الخبراء في إسرائيل أن قوات الاحتلال قد حققت نجاحًا ملحوظًا في إضعاف قوة حزب الله في لبنان، وهو ما تجلى بوضوح في "الردود المحدودة نسبيًا" التي قام بها الحزب، مقارنة بالخسائر التي تكبدها. ويرى هؤلاء الخبراء أن هذا النجاح سيشجع إسرائيل على التوسع في عملياتها العسكرية، واغتنام هذه الفرصة النادرة لضرب ما يُعرف بـ "محور المقاومة"، حيث يعتبر لبنان إحدى ساحاته الرئيسية.

ويؤكد المحللون الإسرائيليون، وخاصةً المؤيدين للحرب على لبنان، أن إسرائيل "لا تعترف بأي حدود أو قيود زمنية فيما يتعلق بالخيارات العسكرية، وبالتالي تسعى إلى تثبيت مكاسبها لفترة طويلة من خلال القنوات الدبلوماسية".

بل إنهم يرون أن "تاريخ إسرائيل المليء بالإنجازات في العمليات العسكرية يزيد من رغبتها في تحقيق المزيد من المكاسب"، ومن المؤسف أن الأحداث الجارية في قطاع غزة، والتي ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بالإضافة إلى الأحداث في لبنان، تؤكد صحة هذه النظرية.

وعند مناقشة "شهية إسرائيل" في لبنان، لا بد من العودة إلى عام 1982 وتسليط الضوء على عدد من النقاط التي تساعد في فهم الظروف المحيطة والمخاطر المحتملة التي يواجهها لبنان.

أولًا، من الضروري التذكير بأنه لا يمكن مقارنة حزب الله بمنظمة التحرير الفلسطينية، فالأخير هو كيان لبناني أصيل، وأفراده هم أبناء القرى الجنوبية والبقاعية ومختلف المناطق اللبنانية. وبالتالي، فإن ادعاء قوات الاحتلال بأنها تسعى للقضاء على حزب الله هو أمر غير واقعي، بل على العكس، حتى لو تمكنت إسرائيل من إضعاف قدرات حزب الله العسكرية، فإن أي عدوان عسكري، سواء عن طريق القصف الجوي أو الاجتياح البري، لن ينجح في القضاء عليه.

وبناءً على ذلك، ترى العقلية الإسرائيلية أنه لا يمكن تأمين المستوطنات في الشمال من خلال عملية برية أو اجتياح بري محدود ومؤقت، بل يعتبرون أنه في ظل رفض نتنياهو التوصل إلى تسوية سياسية، يجب إعادة الانتشار في جنوب لبنان، وإقامة منطقة عازلة قد تمتد إلى مناطق واسعة من الأراضي اللبنانية.

ثانيًا، على الصعيد العسكري، من الصعب أن تتمكن إسرائيل (على الأقل حتى لحظة كتابة هذه السطور) من تنفيذ عملية "الصنوبرة الكبيرة" التي أطلقتها في عام 1982، وذلك لعدة أسباب، منها عدم توفر العدد الكافي من الألوية لاجتياح الأراضي اللبنانية على نطاق واسع، خاصة بعد استنزاف القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، والعدد الكبير من القتلى والجرحى في صفوفها.

وعلى الرغم من الدعم العسكري الكبير والمستمر الذي تتلقاه إسرائيل من الدول الغربية بشكل عام، ومن الولايات المتحدة بشكل خاص، فقد صرح العديد من المسؤولين في جيش الاحتلال مرارًا وتكرارًا بوجود نقص متزايد في الأسلحة التي يعتبرونها ضرورية لشن اجتياح بري شامل للبنان.

ومن ناحية أخرى، وعلى الرغم من التأييد الشعبي الواسع للحرب على لبنان، فإن أي اجتياح بري طويل الأمد، إذا ما حدث، من شأنه أن يزيد من عدد الخسائر البشرية الإسرائيلية، وهو الأمر الذي سيعيد إشعال فتيل الضغط الشعبي الإسرائيلي على نتنياهو، ويزيد من حدة الانقسام الداخلي الإسرائيلي. ومن هذا المنطلق، يعتقدون أنه يجب على إسرائيل البحث عن طريقة للسيطرة على جنوب لبنان، بهدف إبعاد خطر حزب الله دون تدخل مباشر منها.

إن طبيعة وشكل الاعتداءات الإسرائيلية على القرى والمناطق الجنوبية في لبنان تشير بوضوح إلى الهدف الأساسي للاحتلال الإسرائيلي، وهو تطبيق سياسة الأرض المحروقة، لجعل هذه المنطقة المستهدفة غير قابلة للحياة، وبالتالي إقامة منطقة عازلة.

في عام 1982، وبعد انسحاب قوات الاحتلال من بيروت، ثم من صيدا، ولاحقًا في عام 1983 من المناطق الجبلية، أنشأت إسرائيل منطقة أمنية أو عازلة في الجنوب، إلا أنها سعت إلى الحد من خسائرها في ذلك الوقت من خلال استغلال ما عُرف بـ "جيش لبنان الجنوبي"، وهي ميليشيا عسكرية مؤلفة من مجموعة من العملاء اللبنانيين.

واليوم، وحتى لحظة كتابة هذه السطور، يمكن القول إن جيش الاحتلال لم يبدأ بعد الاجتياح البري للجنوب، بل إن عملياته حتى الآن تشير إلى أنه لا يزال في مرحلة الاستطلاع، واستكشاف قدرات المقاومة، وتحديد أماكن إطلاق الصواريخ، أي أنه يقوم بتهيئة الأرضية لبدء الاجتياح البري الفعلي.

لا يزال لبنان يواجه تحديات داخلية كبيرة، بما في ذلك الانقسام حول الحرب والانهيار الاقتصادي، وهي عوامل قد تستغلها إسرائيل والولايات المتحدة للضغط على حزب الله والدولة اللبنانية بأكملها.

وفي سياق متصل، لا يمكن تجاهل معارضة إسرائيل لتجديد ولاية قوات اليونيفيل منذ عدة أشهر، بالإضافة إلى الاستهدافات المتكررة لها كوسيلة ضغط لإبعادها عن المنطقة التي تسعى إسرائيل لاحتلالها، أو لتغيير طبيعة مهامها في الجنوب.

ومن هنا، فإن إسرائيل، إذا نجحت في إقامة منطقة عازلة في الجنوب في المدى القريب أو المتوسط، فإنها إما تهدف إلى نشر قوات دولية تحت الفصل السابع لتأمين مصالحها، أو إلى احتلال مباشر لهذه المنطقة.

وتثير فرضية احتلال منطقة جنوب الليطاني نقاشًا وتساؤلات، وإن كانت لا تزال مبكرة نسبيًا، حول الاستراتيجية التي ستتبعها إسرائيل، وما إذا كانت ستعيد مشهد عام 1982 من خلال تشكيل قوة عسكرية مؤقتة تتألف من أبناء وعائلات العملاء السابقين الذين فروا من لبنان إلى إسرائيل، والذين أعربوا في أكثر من مناسبة عن رغبتهم في الانتقام من حزب الله.

وفي هذا الإطار، هناك تفصيل لا يمكن تجاوزه، وهو ظهور أحد العملاء في القرى الحدودية التي دخل إليها جيش الاحتلال منذ أيام، بالإضافة إلى سماع تردد إذاعي في الجنوب بشكل مفاجئ باسم "جيش الدفاع الجنوبي"، أي إذاعة العملاء منذ مدة قصيرة.

ثالثًا، من الصعب في لبنان فصل الأحداث السياسية عن السياقات الإقليمية، وهي حقيقة أثبتها التاريخ منذ حكم السلطنة العثمانية، مرورًا بدولة لبنان الكبير عام 1920، ثم الاستقلال عام 1943 وحتى يومنا هذا. وكما يصعب الفصل عن الإقليم، تسعى القوى الإقليمية والدولية إلى استغلال الجبهة الداخلية لتحقيق أهدافها.

يعاني لبنان من تحديات جسيمة على المستوى الداخلي، بدءًا من الانقسام حول الحرب، إلى الانقسام الطائفي وإعادة إحياء مشروع التقسيم على المستوى الإعلامي، بالإضافة إلى الانهيار الاقتصادي والمالي والسياسي.

هذه التحديات الداخلية قد تشكل "الأداة" التي ستستخدمها كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية لممارسة المزيد من الضغوط ليس فقط على حزب الله، بل أيضًا على الدولة اللبنانية. وبالفعل، بدأ العدو الإسرائيلي بمحاولة زيادة الانقسامات الداخلية حول الحرب من خلال استهداف مناطق لا تقع ضمن ما يُعرف ببيئة حزب الله، ومن خلال التهديد المستمر باستهداف أي منطقة يتواجد فيها عناصر من الحزب.

وقد أدى ذلك إلى حالة من الارتباك والخوف لدى المواطنين اللبنانيين، والأخطر من ذلك أنه أدى إلى بعض المشاكل والتوترات في مختلف المناطق اللبنانية.

في ثمانينيات القرن الماضي، كان الأميركيون يصرحون بأنهم يدعمون سيادة لبنان، ويدعمون إنهاء جميع المظاهر المسلحة في لبنان، ودعم الجيش اللبناني. واليوم، يكرر الأميركيون هذه الشعارات بدعم من معظم الدول العربية والدول الأوروبية التي لطالما كانت حليفة للبنان، وخاصةً فرنسا.

وفي السنوات القليلة الماضية، تم الربط بشكل ممنهج بين تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان، تحديدًا منذ عام 2019، والفشل في بناء مؤسسات الدولة، وبين سلاح حزب الله وهيمنته على السياسة الداخلية. وفي حين أن هذا الربط يتجاهل إلى حد كبير العوامل الأساسية للانهيار السياسي والاقتصادي، فإن سياسة الحزب في حماية مكونات الطبقة السياسية التقليدية، ومنع المحاسبة من جهة، وبعض مظاهر القوة التي تجلت في محطات مختلفة من جهة أخرى، ساهمت في ترسيخ هذه الفكرة لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين.

وقد استغلت الولايات المتحدة الأميركية وعدد من الدول العربية هذا الأمر، حيث عمدوا إلى اشتراط تحقيق المحاسبة والإصلاحات ونشر الجيش كسلطة وحيدة في لبنان، قبل تقديم الدعم والمساعدة الفعلية للخروج من حالة الانهيار.

ومن هنا، فإن فشل حزب الله، أو بمعنى آخر انغماسه في اللعبة السياسية الداخلية، وتحميله مسؤولية الانهيار من قبل قسم من اللبنانيين الذين أعلنوا مرارًا وتكرارًا عن رفضهم للحرب، بالإضافة إلى ازدياد التحديات الاقتصادية والاجتماعية كلما طالت الحرب في ظل توسع الاعتداءات الإسرائيلية لتطال مناطق لبنانية مختلفة، كل هذه العوامل قد تقلب حرب الاستنزاف التي يريدها الحزب ضده، وبالتالي تزيد من خطر فقدانه للحصانة الداخلية أو تماسك الجبهة الداخلية، والالتفاف الشعبي حوله عبر زيادة الانقسامات الداخلية.

في عام 1982، أعلنت إسرائيل أنها لا ترغب في احتلال لبنان، بل تسعى إلى اتخاذ إجراءات أمنية لحماية حدودها وتطبيع العلاقات. وفي ذلك الوقت، عقدت الحكومة اللبنانية تحت الضغط الأميركي اجتماعات مع الاحتلال لمناقشة مطالبه في محاولة لوقف إطلاق النار. إلا أن المفاوضات باءت بالفشل، وغرق الإسرائيليون في مستنقع لبنان لمدة سبعة عشر عامًا قبل أن ينسحبوا في عام 2000، دون أن يتمكنوا من تحقيق أهدافهم في القضاء على المقاومة.

أما حرب يوليو/تموز في عام 2006، فيمكن اعتبارها المرحلة التمهيدية للحرب القائمة اليوم، حيث أعلن الإسرائيليون والأميركيون عن "مشروع الشرق الأوسط الجديد" الذي يهدف إلى القضاء على المقاومة، وتطبيع العلاقات مع لبنان. إلا أن ملامح هذه المرحلة لم تكتمل، وتكبد الإسرائيليون خسائر فادحة بشرية واقتصادية دفعتهم إلى الجلوس على طاولة المفاوضات، مما أسفر عن اتفاق 1701 الذي أوقف الحرب.

وعلى الرغم من الصورة الوردية التي يروج لها نتنياهو في الداخل الإسرائيلي، وكذلك لدى حليفته الولايات المتحدة الأميركية، فإن نجاح المقاومة في لبنان في تهجير المستوطنين في الشمال لأكثر من عام، وعدم إمكانية إعادتهم حتى هذه اللحظة، يعتبر الفشل الاستراتيجي الأكبر في تاريخ إسرائيل.

وحتى لحظة كتابة هذه السطور، وفي ظل غياب أي مبادرة جادة لوقف الحرب، فإن الكلمة الفصل هي لمجريات الميدان، حيث يقف لبنان والمنطقة بأسرها أمام خيارين: إما توجيه ضربات موجعة ومكثفة ومتتالية للاحتلال من قبل حزب الله تدفعه إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات الجدية، وبالتالي إنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن، أو حدوث تطور إسرائيلي مماثل لعملية التصعيد المفاجئة ضد الحزب في استكمال لكشف المقاومة بعد اختراق أجهزة الاتصال الخاصة بها، وبالتالي دخول مشروع نتنياهو حيز التنفيذ، ولو لفترة قصيرة.

بين سيناريو عام 1982 وسيناريو عام 2006، أين يقف لبنان اليوم؟

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة